هجوم نهاية الأسبوع على محطة «بقيق» لمعالجة النفط وحقل النفط في «خريص» في السعودية، تسبب في اضطراب أسواق النفط العالمية وتصعيد التوتر في منطقة لم تكن في حالة هدوء واسترخاء تماماً من قبل، حيث قطع الهجوم 6 في المئة من الإنتاج النفطي العالمي اليومي. وهو شيء كبير. ومثلما كتب جديون راكمان من صحيفة «فايننشيال تايمز»، فـ«على مدى عدة عقود، كانت أي قائمة للأخطار الجيوسياسية العالمية ستضع هجوماً على المنشآت النفطية السعودية في صدارة القائمة. والآن حدث ذلك... وصناع القرارات الرئيسيون في هذه الدراما عنيدون ويميلون للمجازفة».
والواقع أن هذه ليست أزمة سياسة خارجية بالنسبة لترامب فقط، ذلك أن ارتفاعاً في أسعار النفط يمكن أن يؤدي إلى ركود الاقتصاد الأميركي الذي يعاني أصلاً من حالة من عدم اليقين. كما أن تصعيداً عسكرياً مع إيران سيكون له التأثير نفسه، وخطاب الإدارة الأميركية يميل بكل تأكيد إلى ذاك الاتجاه. ومن تغريدات ترامب على «تويتر» إلى المقارنة التي عقدها مسؤول وزارة الخارجية «بريان هوك» بين الهجوم وأحداث 11 سبتمبر، تبدو الإدارة الأميركية مستعدة للمعركة.
ولكن يوم الاثنين الماضي شهد تذبذباً في قوة التصريحات بين مسؤولي ترامب الذين بدوا متشددين وترامب نفسه الذي بدا أقل تشدداً، ما يجعل التنبؤ بما ستقدِم عليه الإدارة معدوم الفائدة. غير أن ما يبدو جديراً بالذكر هنا هو إلى أي حد يبدو الموقف الأميركي على رقعة الشطرنج الشرق أوسطية سيئاً.
لماذا؟ هناك ثلاثة أسباب. أولاً، هذه الأزمة عصفت بالإدارة الأميركية في وقت تعاني فيه من نقص كبير في المسؤولين. ذلك أنه ليس هناك خلف لجون بولتون كمستشار للأمن القومي. وليس هناك خلف لـ«دانييل كوتس» كمدير للاستخبارات الوطنية. ولم يعد أمام الإدارة مرشحون مميزون كثيرون لتختار منهم. «هوك» هو الشخص الأول المسؤول الآن عن ملف إيران في وزارة الخارجية الأميركية، وعدا ذلك فإنه كان منشغلاً ببعث رسائل إلكترونية إلى قباطنة السفن الإيرانية تشبه رسائل المحتالين النيجيريين. وتوقع أن يقوم هذا الفريق بشيء على نحو صائب يرقى إلى تصديق الأمل وتكذيب التاريخ.
ثانياً، هذه الإدارة لديها صفر مصداقية في ادعاءاتها بشأن من قد يكون مسؤولاً عن الهجوم. دايون نيسنبوم وسامر سعيد وجارد مالسن من صحيفة «وول ستريت جورنال» أفادوا بأن الولايات المتحدة أخبرت السعودية بأنها تعتقد أن «إيران هي منصة إطلاق» الهجمات، ولكن السعوديين يبدون أقل وثوقاً من ذلك. وحتى في حال صدّق السعوديون مسؤولي الإدارة الأميركية، فإنه من غير الواضح أن يصدقها الآخرون.
أنا لا أقول إن إيران لم تلعب دوراً في الهجوم، ولكنني أقول إن هذه الإدارة سبق لها أن أخفت أشياء من قبل، في مرات كثيرة جداً حول موضوعات كثيرة جداً (مثل ما إن كان الرئيس سيتحاور مع القيادة الإيرانية من دون شروط مسبقة) لدرجة أنني لا أرى سبباً لتصديق تصريحاتها حول هذا الموضوع.
أما الشيء الثالث والأكثر إزعاجاً الذي كشفت عنه هذه الأزمة، فهو إلى أي حدٍ يفتقر ترامب للمصداقية بخصوص ردع مزيد من الهجمات. ومثلما كتبت ناهال توسي من «بوليتيكو»، فإن «الأزمة الأخيرة كشفت عن مشكلة كبيرة في سياسة ترامب الخارجية: الرئيس ومساعدوه بعثوا بإشارات متضاربة بخصوص ما ستفعله الولايات المتحدة، إنْ كانت ستفعل شيئاً، من أجل الدفاع عن حلفائها العرب في الشرق الأوسط بخصوص إيران».
وهذه مشكلة حقيقية. فتهديدات ترامب في المنطقة (أو في أي مكان آخر) لا تؤخذ على محمل الجد. وعجز الرئيس الأميركي عن الالتزام بأي شيء يصعّب ردع إيران أو أي لاعب آخر في المنطقة. هذا لا يعني أن الولايات المتحدة لن ترد إن استُفزت من جديد، ولكنه يعني أنه سيكون أمراً من الممكن تفهمه إذا لم يتقاسم اللاعبون الإقليميون ذاك الاعتقاد استناداً إلى سلوك ترامب السابق، وهو ما يزيد من احتمالات الانزلاق إلى حرب. وفي الأثناء، تبدو احتمالات صحة ما ذهب إليه مقال تحليلي لإيليزابيث سوندرز ومايكل هورويتز، نشر بـ«واشنطن بوست» بتاريخ 17 يونيو الماضي، كبيرة وأن حرباً مع إيران مستبعدة. غير أنه مع تطور الأزمة، فإنها ستتطور في ظل عملية معطّلة بخصوص صنع سياسات الأمن القومي، وتقلّص مصداقية الولايات المتحدة، وانعدام الأدلة على تصميم أميركي، وسياسة أميركية تجاه إيران هي الأسوأ على الإطلاق.
عدا ذلك، أنا واثق من أن كل شيء سيكون على ما يرام.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
والواقع أن هذه ليست أزمة سياسة خارجية بالنسبة لترامب فقط، ذلك أن ارتفاعاً في أسعار النفط يمكن أن يؤدي إلى ركود الاقتصاد الأميركي الذي يعاني أصلاً من حالة من عدم اليقين. كما أن تصعيداً عسكرياً مع إيران سيكون له التأثير نفسه، وخطاب الإدارة الأميركية يميل بكل تأكيد إلى ذاك الاتجاه. ومن تغريدات ترامب على «تويتر» إلى المقارنة التي عقدها مسؤول وزارة الخارجية «بريان هوك» بين الهجوم وأحداث 11 سبتمبر، تبدو الإدارة الأميركية مستعدة للمعركة.
ولكن يوم الاثنين الماضي شهد تذبذباً في قوة التصريحات بين مسؤولي ترامب الذين بدوا متشددين وترامب نفسه الذي بدا أقل تشدداً، ما يجعل التنبؤ بما ستقدِم عليه الإدارة معدوم الفائدة. غير أن ما يبدو جديراً بالذكر هنا هو إلى أي حد يبدو الموقف الأميركي على رقعة الشطرنج الشرق أوسطية سيئاً.
لماذا؟ هناك ثلاثة أسباب. أولاً، هذه الأزمة عصفت بالإدارة الأميركية في وقت تعاني فيه من نقص كبير في المسؤولين. ذلك أنه ليس هناك خلف لجون بولتون كمستشار للأمن القومي. وليس هناك خلف لـ«دانييل كوتس» كمدير للاستخبارات الوطنية. ولم يعد أمام الإدارة مرشحون مميزون كثيرون لتختار منهم. «هوك» هو الشخص الأول المسؤول الآن عن ملف إيران في وزارة الخارجية الأميركية، وعدا ذلك فإنه كان منشغلاً ببعث رسائل إلكترونية إلى قباطنة السفن الإيرانية تشبه رسائل المحتالين النيجيريين. وتوقع أن يقوم هذا الفريق بشيء على نحو صائب يرقى إلى تصديق الأمل وتكذيب التاريخ.
ثانياً، هذه الإدارة لديها صفر مصداقية في ادعاءاتها بشأن من قد يكون مسؤولاً عن الهجوم. دايون نيسنبوم وسامر سعيد وجارد مالسن من صحيفة «وول ستريت جورنال» أفادوا بأن الولايات المتحدة أخبرت السعودية بأنها تعتقد أن «إيران هي منصة إطلاق» الهجمات، ولكن السعوديين يبدون أقل وثوقاً من ذلك. وحتى في حال صدّق السعوديون مسؤولي الإدارة الأميركية، فإنه من غير الواضح أن يصدقها الآخرون.
أنا لا أقول إن إيران لم تلعب دوراً في الهجوم، ولكنني أقول إن هذه الإدارة سبق لها أن أخفت أشياء من قبل، في مرات كثيرة جداً حول موضوعات كثيرة جداً (مثل ما إن كان الرئيس سيتحاور مع القيادة الإيرانية من دون شروط مسبقة) لدرجة أنني لا أرى سبباً لتصديق تصريحاتها حول هذا الموضوع.
أما الشيء الثالث والأكثر إزعاجاً الذي كشفت عنه هذه الأزمة، فهو إلى أي حدٍ يفتقر ترامب للمصداقية بخصوص ردع مزيد من الهجمات. ومثلما كتبت ناهال توسي من «بوليتيكو»، فإن «الأزمة الأخيرة كشفت عن مشكلة كبيرة في سياسة ترامب الخارجية: الرئيس ومساعدوه بعثوا بإشارات متضاربة بخصوص ما ستفعله الولايات المتحدة، إنْ كانت ستفعل شيئاً، من أجل الدفاع عن حلفائها العرب في الشرق الأوسط بخصوص إيران».
وهذه مشكلة حقيقية. فتهديدات ترامب في المنطقة (أو في أي مكان آخر) لا تؤخذ على محمل الجد. وعجز الرئيس الأميركي عن الالتزام بأي شيء يصعّب ردع إيران أو أي لاعب آخر في المنطقة. هذا لا يعني أن الولايات المتحدة لن ترد إن استُفزت من جديد، ولكنه يعني أنه سيكون أمراً من الممكن تفهمه إذا لم يتقاسم اللاعبون الإقليميون ذاك الاعتقاد استناداً إلى سلوك ترامب السابق، وهو ما يزيد من احتمالات الانزلاق إلى حرب. وفي الأثناء، تبدو احتمالات صحة ما ذهب إليه مقال تحليلي لإيليزابيث سوندرز ومايكل هورويتز، نشر بـ«واشنطن بوست» بتاريخ 17 يونيو الماضي، كبيرة وأن حرباً مع إيران مستبعدة. غير أنه مع تطور الأزمة، فإنها ستتطور في ظل عملية معطّلة بخصوص صنع سياسات الأمن القومي، وتقلّص مصداقية الولايات المتحدة، وانعدام الأدلة على تصميم أميركي، وسياسة أميركية تجاه إيران هي الأسوأ على الإطلاق.
عدا ذلك، أنا واثق من أن كل شيء سيكون على ما يرام.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»